سورة الليل - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الليل)


        


{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4)}
المغشي: إما الشمس من قوله: {واليل إِذَا يغشاها} [الشمس: 4] وإما النهار من قوله: {يغشي الليل النهار} [الرعد: 3] وإما كلّ شيء يواريه بظلامه من قوله: {إِذَا وَقَبَ} [الفلق: 3]. {تجلى} ظهر بزوال ظلمة الليل. أو تبين وتكشف بطلوع الشمس {وَمَا خَلَقَ} والقادر العظيم القدرة الذي قدر على خلق الذكر والأنثى من ماء واحد، وقيل: هما آدم عليه السلام وحواء. وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: {والذكر والأنثى}.
وقرأ ابن مسعود: {والذي خلق الذكر والأنثى}.
وعن الكسائي: {وما خلق الذكر والأنثى} بالجرّ على أنه بدل من محل {مَا خَلَقَ} بمعنى: وما خلقه الله، أي: ومخلوق الله الذكر والأنثى. وجاز إضمار اسم الله لأنه معلوم لانفراده بالخلق. إذ لا خالق سواه. وقيل: إنّ الله لم يخلق خلقاً من ذوي الأرواح ليس بذكر ولا أنثى. والخنثى، وإن أشكل أمره عندنا فهو عند الله غير مشكل، معلوم بالذكورة أو الأنوثة؛ فلو حلف بالطلاق أنه لم يلق يومه ذكراً ولا أنثى، وقد لقى خنثى مشكلاً: كان حانثاً؛ لأنه في الحقيقة إمّا ذكراً أو أنثى، وإن كان مشكلاً عندنا {شتى} جمع شتيت، أي: إنّ مساعيكم أشتات مختلفة، وبيان اختلافها فيما فصل على أثره.


{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7)}
{أعطى} يعني حقوق ماله {واتقى} الله فلم يعصه {وَصَدَّقَ بالحسنى (6)} بالخصلة الحسنى: وهي الإيمان. أو بالملة الحسنى: وهي ملة الإسلام، أو بالمثوبة الحسنى: وهي الجنة {فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى (7)} فسنهيؤه لها من يسر الفرس للركوب إذا أسرجها وألجمها. ومنه قوله عليه السلام: «كل ميسر لما خلق له» والمعنى فسنلطف به ونوفقه حتى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه وأهونها، من قوله: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} [الأنعام: 125].


{وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11)}
{واستغنى} وزهد فيما عند الله كأنه مستغن عنه فلم يتقه. أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الجنة، لأنه في مقابلة {واتقى}. {فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى} فسنخذله ونمنعه الألطاف، حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشدّه، من قوله: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السماء} [الأنعام: 125] أو سمى طريقة الخير باليسرى، لأنّ عاقبتها اليسر؛ وطريقة الشرّ العسرى، لأن عاقبتها العسر. أو أراد بهما طريقي الجنة والنار، أي: فسنهديهما في الآخرة للطريقين. وقيل: نزلتا في أبي بكر رضي الله عنه، وفي أبي سفيان بن حرب {وَمَا يُغْنِى عَنْهُ} استفهام في معنى الإنكار. أو نفي {تردى} تفعل من الردى وهو الهلاك، يريد: الموت. أو تردّى في الحفرة إذا قبر، أو تردّى في قعر جهنم.

1 | 2